المسلمون بين الهلال الشرعي والهلال البدعي

بسم الله الرحمن الرحيم
المسلمون بين الهلال الشرعي والهلال البدعي
لو سئل المرء عن أذكى الحيوانات، لما كان ذلك لغزاً، ولكن لو سئل عن أذكى الجمادات، لكان السؤال غريباً! والجواب محيراً! فهل في الجمادات ذكاء؟!
نعم، إن في الجمادات ذكاء، ولا أدل على ذلك؛ ما يفعله القمر قبل حلول شهر رمضان المبارك بأيام، حيث يقوم سنوياً -قبل إهلاله- بالاطلاع على المعاهدات الدولية، والحدود الجغرافية، فيرى هل من متغيرات في الحدود حتى يلتزم بها؟
فقد كان القمر -من قبل- يطلع على بلاد الشام طلعة بهية واحدة، وذلك لما كانت أمة الإسلام أمة واحدة، ولما عقدت معاهدة (سايكس بيكو) التي رسمت الحدود الجغرافية، وفرقت بلاد المسلمين، سارع (القمر الذكي) للالتزام بها، ذراعاً بذراع، وشبراً بشبر، تماماً كما التزم بذلك أهلها.. وصار يهل على بلاد الشام -بعد المعاهدة- بأربعة مطالع- تماماً كما قسمها الأوغاد- فصار يطلع على (سورية) مطلعاً مغايراً لمطلع (لبنان)، وعلى (لبنان) مطلعاً غير مطلع (الأردن)، وعلى (فلسطين) غير مطلعها.
وفي الوقت الذي ترى فيه حرس الحدود، في بلد (شرقستان) في أول يوم من رمضان يدخنون..! وذلك؛ لأن القمر لم يطلع على بلادهم، ولم يجرؤ على تجاوز الحدود الدولية دون تأشيرة.. ترى حرس الحدود المقابل في (غربستان) صائمين؛ لأن الهلال طلع عليهم، والبعد بينهما عرض الأسلاك الشائكة، التي شاكت مُهج المسلمين، ومزقت أمتهم، وفتت أكبادهم.
ألا ترى أن هذا القمر الذي التزم بالحدود التي رسمت في (سايكس بيكو) وأقرتها الأمم المتحدة، قد استحق أن يكون أذكى الجمادات! وأن ينال بذلك أرفع الأوسمة والدرجات.
وليس هذا غريباً من (القمر الذكي)؛ لأنه من جماد -عندنا- لا يفقه.. ولكن الغريب: أن لا يزال بعض الفضلاء، يقولون: (لكل بلد مطلع)، ويعرفون البلد؛ حسب تقسيم أعداء الإسلام لبلاد المسلمين.
فتارة يكون البلد كبيراً جداً، يقدر بمئات الألوف من الأذرع المربعة، بل بالملايين، وتارة يكون صغيراً جداً لا يكاد يُرى على الخريطة، ومع ذلك يقولون: (لكل بلد مطلعه)، ثم تتغير المطالع .. بتغير الحدود؟!!
ومما يزيد القمر ذكاء، أنه على استعداد لأن يفصل مطالعه، إذا ما انفصلت البلدان بعضهما عن بعض، وأن يوحد مطالعه، إذا ما توحدت البلدان.
ولا أدل على ذلك؛ مما كان يفعله قبل اتحاد (اليَمَنَيْن) فقد كان يطلع على كل (يمن) مطلعاً مستقلاً، حسب (سايكس بيكو) وقرارات الأمم المتحدة، ولما اتحد (اليمنان) أدرك (القمر الذكي) -وهو في عليائه- ذلك، فصار يطلع على (اليَمَنَيْن) مطلعاً واحداً!.
ويؤيد القمر في تصرفه هذا، أولئك الذين كانوا يقولون قبل الاتحاد: (لكل بلد مطلعه)، فلما اتحد (اليمنان) نسوا ما كانوا يقولونه من قبل، وجعلوا البلدين بلداً واحداً، والمطلعين مطلعاً واحداً، ولا يزالون يقولون عن البلاد التي لم تتحد معهم: (مطلعها غير مطلعنا) حتى إذا ما اتحدت، أصدروا فتوى (للقمر الذكي) أن يوحد مطالعه، كما وحدت البلدان أعلامها.
ويشارك الهلال في هذا الاستحقاق، أولئكم الذين يصومون في بلاد الغرب حسب ألوان جوازات سفرهم، ويفطرون حسب بطاقات هوياتهم، ويتسحرون حسب بلدان ولادتهم!.
ومن النوازل التي أعجزت فقهاء الواقع، وعلماء المطالع، أن يفتوا فيها، والتي لم يجدوا من سبقهم في الفتيا إليها: متى يصوم أصحاب الجوازات المزورة في دول الغرب؟! والذين دخلوها بغير طرق قانونية؟!.
وهل أعد العلماء فتوى باختلاف المطالع في سوريا بين المناطق المحررة، ومناطق داعش، والمناطق المحتلة من الأكراد، والمناطق المحتلة من الصفويين وأذنابهم؟!.
ثم لماذا وحّد المسلمون هلال ذي الحجة للوقوف في عرفات.. ولم يوحدوا هلال رمضان؟!.
لكَ الله أيها الهلال المجبور..! ولكِ الله أيتها الشعوب المقهورة..!
وقد آن للمسلمين، أن يدركوا الفرق بين المطالع الشرعية، والمطالع البدعية.
اللهم وحد بلاد المسلمين.. واجمع كلمتهم.. وارفع رايتهم.. إنك على كل شيء قدير.
كتبه
عدنان العرعور
تعليقات
